(الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الفصل بين الأذان والإقامة وكراهة الموالاة بينهما لما في ذلك من تفويت صلاة الجماعة على كثير من المريدين لها، لأن من كان على طعامه أو غير متوضيء حال النداء إذا استمر على أكل الطعام أو توضأ للصلاة فاتته الجماعة أو بعضها بسبب التعجل وعدم الفصل لا سيما إذا كان مسكنه بعيدا من مسجد الجماعة، فالتراخي بالإقامة نوع من المعاونة على البر والتقوى المندوب إليهما، وقد ضاعت هذه السنة في زمننا هذا في كثير من المساجد فلا حول ولا قوة إلا بالله (وفي أحاديث الباب) دلالة على أن المقيم لا يقيم إلا إذا أراد الإمام الصلاة، وقد أخرج ابن عدي من حديث أبي هريرة مرفوعاً "المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة" وضعفه وله شواهد عند البيهقي وغيره وإن كانت ضعيفة فيعضد بعضها بعضاً (وفيها أيضاً) جواز الإقامة من المؤذن وغيره (واتفق العلماء على ذلك) واختلفوا في الأولوية فقال أكثرهم لا فرق والأمر متسع، ممن رأى ذلك مالك وأكثر أهل الحجاز وأبو حنيفة وأكثر أهل الكوفة وأبو ثور، وقال بعض العلماء من أذن فهو يقيم، قال الشافعي وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة، وإلى أولوية المؤذن بالإقامة ذهب الهادوية، واحتجوا بحديث الصدائي، واحتج القائلون بعدم الفرق بحديث عبد الله بن زيد (قال الشوكاني) والأخذ بحديث الصدائي أولى؛ لأن حديث عبد الله ابن زيد كان أول ما شرع الأذان في السنة الأولى، وحديث الصدائي بعده بلا شك قاله الحافظ اليعمري، قال الشوكاني على أنه لو لم يتأخر لكان حديث عبد الله بن زيد خاصا به، والأولوية باعتبار غيره من الأمة، والحكمة في التخصيص تلك المزية التي لا يشاركه فيها غيره أعني الرؤيا فإلحاق غيره به لا يجوز لوجهين، (الأول) أنه يؤدي إلى إبطال فائدة النص أعني