وسافر الطالب إلى الإسكندرية ولم يكن معهدها الديني قد أنشئت مبانيه الحديثة ولكن طلبة المعهد كانوا يدرسون في مسجد (الشيخ) وكان هو معهد الإسكندرية بمدارسه ومذاهبه الأربعة (الحنفي) و (المالكي) و (الشافعي) و (الحنبلي) وما زال مسجد الشيخ موجودًا حتى الآن قريبًا من ميدان المنشية.
وكان المسجد هو مسكن الطالب ومأواه، فيه يدرس، وفيه ينام، وفيه يقوم ساجدًا راكعًا لله.
تعلمه صناعة الساعات:
ولما تذوق العلم وتقدم في الدراسة فكر في المستقبل وما يكون بعد إتمام دراسته وأن كل عالم من العلماء كانت له صناعة بجانب علمه يتكسب منها لئلا يكون العلم وسيلة لطلب الرزق.
ويسر الله له بركة إخلاصه وصدقه مع الله فالتحق بأكبر محل في الإسكندرية لإصلاح الساعات وبيعها هو محل الحاج محمد سلطان وكان يفرغ من دراسته يوميًّا فيسرع إلى صنعته التي أحبها وعشقها حتى أتقنها وبرع فيها وأصبحت بعد ذلك حرفة له وتجارة ومن هنا جاءت شهرته (بالساعاتي).
اختياره بلدة المحمودية لإقامته:
وعاد إلى القرية عالمًا صانعًا فتزوج منها وسار بأهله إلى بلدة (المحمودية) التي أعجبته عبر رحلته إلى الإسكندرية ورجوعه منها إلى قريته.
وفي المحمودية وهي من أعمال مديرية البحيرة والقريبة من مدينة دمنهور وضع رحاله واستقر به النوى، ورحب به عالمها وأمامها الشيخ محمد زهران وكان كفيفًا بارع الذكاء زاخرًا بالعلم والعرفان، وأصبحا صديقين حميمين، يتدارسان العلم، ويتعمقان في البحث والتحقيق، وكانت مكتبة المؤلف زاخرة بأمهات الكتب في الفقه والتفسير والحديث وجميع علوم الشريعة وفنونها.