فلما أتم قراءة الفاتحة في الركعة الأولى قرأ قوله تعالى {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}.
وقرأ بعد الفاتحة في الركعة الثانية {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذًى كيثرًا، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}.
ودخل نفسي من ذلك شيء، وبكرت صبيحة الاثنين بعربة ركبها ومعه الأصول الباقية من الفتح الرباني بخط يده وبعض مراجع كتب الحديث التي كان يعمل فيها في الجزء الثاني والعشرين، ثم جلس في حجرة النوم وأشار بأن تصف المراجع في الشباك القريب منه بالحجرة ومعها الأصول وجعل يشير إليها ويتحدث عما أنجزه حتى الآن.
وطيلة يوم الاثنين وهو يحدثنا حديث الواثق المؤمن وعرض لنشأته وصباه وبلدته وكان أصح ما يكون صحة وأتم ما يكون عافية حتى نسيت ما داخل نفسي من شعور يوم الأحد مساءً وقلت لقد من الله على الشيخ بالعافية وظننته سيمكث معنا طويلًا يمتعنا بهذا الحديث وينفعنا بهذا العلم ولكن قدر الله كان سابقًا وأمره كان نافذًا.
وفي يوم الثلاثاء انشغل بربه وانصرف عنا وكان يطلب الوضوء وينظر في ساعته إذا حضر وقت الصلاة فيؤديها حسبما استطاع.
وفاته إلى رحمة الله:
وقبل ظهر يوم الأربعاء ٨ من جمادى الأولى سنة ١٣٧٨ الموافق ١٩ نوفمبر سنة ١٩٥٨ لحق بربه راضيًا مرضيًّا إن شاء الله تعالى عن سبع وسبعين سنة وبضعة شهور.