في شارع الفحامين المقابل لعطفة الرسام وتأتيه (مسودات) المطبعة ملزمة ملزمة فيقوم على تصحيحها بنفسه ويدقق في ذلك أشد الدقة حتى يتفادى كل ما يمكن أن يتفاداه من أخطاء.
وكما كان يفد على مكتبه جلة العلماء، كذلك كانت تحضر مجموعات من طلبة العلم في الأزهر الشريف ممن شغفوا بالسنة وأولعوا بدراستها، حتى اضطر المؤلف أن يقسم الجزء الواحد من الكتاب إلى أربعة أقسام حتى ييسر على طلبة العلم اقتناءه ويخفف عنهم مقدار ثمنه.
صفة الشيخ الخلقية والخلقية:
وكان الشيخ رحمه الله ربعة لا بالطويل ولا بالقصير نحيفًا قمحي اللون يتكفأ في مشيته ويغض بصره وكان في لحيته شعرات سوداء وكانت ثيابه غليظة متواضعة يلبس الجبة والقفطان ويعتم، عليه سكينة ووقار.
وكان زاهدًا ورعًا منصرفًا عن الدنيا راغبًا في الآخرة لا يخوض فيما يخوض فيه الناس ولا يتقيد بما يعملون ويشترعون حتى كان لا يقدم ساعته حسب التوقيت الصيفي حين كان يفعل الناس ذلك ويقول ما لي وللناس إنما أتعامل مع الله جل وعلا.
شعوره بالمرض:
وعندما كان الشيخ رحمه الله يعمل في الجزء الثاني والعشرين وقد أتم كتاب السيرة النبوية والأبواب المتعلقة به من ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطاهرين وزوجاته أمهات المؤمنين وبدأ العمل في أبواب مناقب الصحابة رضي الله تعالى عنهم شعر ببدء المرض وعرضت عليه الحضور إلى منزلي لنكون جميعًا في خدمته ونقوم على مطالبه فاستمهلني قائلًا سأفعل ذلك إن شاء الله عند لزومه وظل يكتب في باب المناقب حتى وصل باب ما جاء في جرير بن عبد الله البجلي وكنت أمر عليه في مكتبه في فترات متقاربة وبعد صلاة العشاء من يوم الأحد ٥ من جمادى الأولى سنة ١٣٧٨ هجرية الموافق ١٦ نوفمبر سنة ١٩٥٨ ميلادية مررت به فابتدرني بقوله غدًا إن شاء الله بعد أن تصلي الفجر احضر إلي مبكرًا بعربة تنقلني إلى بيتك ثم طلب الوضوء لصلاة العشاء فقدم إليه فتوضأ ثم نوى الصلاة.