في القديم والحديث بأنه أجمع كتب السنة للحديث وأصحها بعد الصحيحين وأوعاها لكل ما يحتاج إليه المسلم في زاده ومعاده من بغير مين، فو كتاب لا تزال بركته شاملة يقدره من يعرف قدر السنة الفاضلة، ولا يزال هذا العمل مشكورا للإمام أحمد مادام في الأرض إسلام ومسلمون جزاه الله وسلفه ومن سلك سبيله وأقتفى آثاره خير جزاء ورحمهم بأوسع رحمته وأسكنهم فسيح جنته وهدانا لى طريق الرشاد ونجانا من هول يوم التناد آمين.
وإلا فليس بحجة اهـ. وقال الحافظ أبو موسى المديني: رحمه الله في كتابه خصائص المسند وهذا الكتاب يعني: {مسند الإمام أحمد} أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث انتقي من حديث كثير ومسموعات وافرة فجعله اماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ ومستندا قال ولم يخرج إلا عن من ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في امانته (وقال أيضا) ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد رحمه الله مسنده قد أحتاط فيه إسنادا ومتنا ولم يورد فيه إلا ما صح عنده على ما أخبرنا أبو علي سنة خمس (يعني وخمسمائة) قال ثنا أبو نعيم (ح) وأنا ابن الحصين قال أنا بن المذهب قال أنا القطيعي قال ثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن ابي التياح قال سمت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم أنه قال: {يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله، قال لو أن الناس اعتزلوهم} قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم يعني قوله: {اسمعوا وأطيعي} وهذا مع ثقة رجال اسناده حين شذ لفظه عن المشاهير أمر بالضرب عليه فقال عليه ما قلنا وفيه نظائر له اهـ (قلت): هذا مثال لشدة احتياط الامام احمد في المتن، (وأما احتياطه في السند) فقد روى القطيعي قال حدثنا عبد الله (يعني بن الامام احمد) حدثني أبي ثنا علي بن ثابت الجزري عن ناصح أبي عبد الله عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم قال: {لأن يؤدب الرجل ولده أو أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع} قال عبد الله وهذا الحديث لم يخرجه ابي في مسنده من أجل ناصح لأنه ضعيف في الحديث وأملاه في النوادر. (قلت) وهذا الحديث ذكرته في كتابي (الفتح الرباني) في الباب الرابع من كتاب البر والصلة وأشرت إليه في التعليق. قال الشوكاني: وقد حقق الحافظ نفي الوضع عن جميع أحاديثه وأنه أحسن انتقاء وتحريرا من الكتب التي لم يلتزم مصنفوها