للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان من كمال عاداته النبوية أن يأمر بتجهيز اليث، وتطهيره، وتنظيفه، ودفنه بسرعة، وأن يكفن في ثياب بيض.

وكانت الصحابة مدة إذا احتضر شخص، وأشرف على الموت، دعوا حضرة الرسول فحضر - صلى الله عليه وسلم - هناك إلى أن يتوفى، ويجهزه ويصلى عليه، ويشيعه إلى القبر، فلما رأت الصحابة ما في ذلك من المشقة، اقتصروا على أن يعلموه بعد وفاة الشخص، ليحضر التجهيز والصلاة والدفن، ثم رأوا أن هذا لا يخلو من مشقة، فكانوا يجهزون الميت، ويحملونه إليه - صلى الله عليه وسلم - ليصلى عليه حينا بالمسجد، وحينا خارجه، وكلاهما يجوز.

وفي الحديث المروي عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له (١) " غلط، وصوابه مارواه الخطيب البغدادي.

وقال: هو في الأصل في شيء عليه (٢).

وقال بعض أئمة الحديث: هذا الحديث ضعيف لأنه من إفراد صالح مولى التوءمة، وقد صلى على أبي بكر، وعمر في المسجد، بحضرة جميع المهاجرين والأنصار، ولم يصدر من أحد إنكار.

وكان يأمر أن يغسل الميت ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر، على حسب ما يقتضيه رأى الغاسل، وأن يجعل في الغسلة الآخرة شيئا من الكافور، وكانوا لا يغسلون الشهيد، وينزعوا عنه السلاح، والملبوس، ويستعملون شيئا من الطيب، وإدا قصر الكفن غطوا رأسه، وجعلوا على رجليه شيئا من الأب (٣).


(١) أخرجه أبو داود في سننه عن أبي هريرة، وابن ماجة في سننه، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار (٤/ ٦٨).
(٢) وتصويب المصنف للحديث صحيح، لما في الصحيحين من تأييد لما ذهب إليه فقد روى مسلم عن عائشة أنها قالت: لما توفى سعد بن أبى وقاص ادخلوا به المسجد حتى أصلى عليه فأنكروا ذلك عليها فقالت والله ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن البيضاء إلا في جوف المسجد. رواه الجماعة إلا البخاري، وانظر: نيل الأوطار (ج ٤ ص ٦٨)، وانظر صحيح مسلم برقم (٩٧٣ - ج ٢ ص ٦٦٨)، وسنن أبي داود برقم (٣١٨٩، ٣١٩٠ - ج ٣ ص ٢٠٧)، والترمذي (٣/ ٣٥١).
(٣) الأب: هو المرعى المهيأ للرعي. وقيل: هو من المرعى للدواب كالفاكهة للإنسان.

<<  <   >  >>