للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث كان أبو رافع المقدم على أحماله قد نزل ثمة، وضرب الخيمة بحسب الاتفاق لا عن أمر، فنزل - صلى الله عليه وسلم - وصلى الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء هناك، ونام قليلا.

فلما استيقظ ركب وسار إلى مكة وطاف للوداع (١). ولم يرمل، وفي هذه الليلة رغبت عائشة في العمرة فأجازها ليلا، وأرسل معها عبد الرحمن إلى التنعيم - وهو خارج عن الحرم - فأحرمت وجاءت إلى مكة، وتممت عمرتها قبل مضي الليل، ورجعت إلى المحصب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فرغتم؟ فقالوا: نعم: فأمر بالرحيل، فرحلوا بأجمعهم.

وطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طواف الوداع (٢)، ثم توجه الى المدينة، واختلف العلماء في التحصيب (٣).

قال بعضهم: أمر اتفاقي، ولم يكن من السنن، ولا من الآداب.

قال بعضهم: هو من سنن الحج، وتمام المناسك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنا نازلون غدا بخيف بنى كنانة، حيث تقاسموا على الكفر" والمراد بخيف بنى كنانة المحصب، لأن قريشا وبنى كنانة، تعاهدوا، وتحالفوا، هناك على أن لا يخالطوا بنى هاشم ولا يناكحوهم ولا يواصلوهم، حتى يسلموا لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقصد - صلى الله عليه وسلم - أن يظهر شعائر الإسلام حيث أظهروا شعائر الكفر، والله أعلم.


(١) انظر صحيح البخاري في كتاب الحج (ج ٣ ص ٤٧٣)، ومسلم برقم (١٢٦٩ ج ٢ ص ٩٢٥)، والترمذي في كتاب الحج برقم (٨٥٨ ج ٣ ص ٢١٣)، وأحمد في المسند (ج ١ ص ٢٣٢ و ٣٧٢).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر صحيح البخاري في كتاب الحج حديث رقم (١٧٦٤ ج ٢ ص ٥٩٠).

<<  <   >  >>