للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان - صلى الله عليه وسلم - يأخذ تعبير الرؤيا، من معانى الأسماء، كما فعل مرة في منام رآه قال: "أرأيت في منامى كأني في دار عقبة بن رافع وأتينا برطب ابن طاب، فأولت الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة لنا في الآخرة، وأن ديننا قد طاب يعني أن الذي اختاره الله لهم، قد أرطب وطاب" (١).

ومرة أخرى أشار أن تحلب شاة، فقام شخص ليحلبها، قال: "ما اسمك؟ " قال: مرة. قال: "اقعد" فقام آخر. فقال: "ما اسمك؟ " قال: حرب. قال: "اقعد". فقام آخر فقال: "ما اسمك؟ " قال: حرب. قال: "اقعد"، فقام آخر فقال: "ما اسمك؟ " فقال: يعيش. قال: "احلب" (٢) وكذا الطرق، والمنازل، المكروهة الأسماء، كان يتجنب عبورها والنزول بها، لسبب ارتباط بين الأسماء ومسمياتها.

وكان إياس بن معاوية إذا رأى شخصا. قال: ينبغي أن يكون اسمه كذا، وقلما يخطئ في ذلك، ولما كانت الأنبياء صلوات الله عليهم أشرف الخلق وأكملهم، وأخلاقهم وأعمالهم أشرف الأخلاق والأعمال، وأسماؤهم أشرف الأسماء، فلهذا الوجه أمر - صلى الله عليه وسلم - بالتسمي بأسمائهم. وفي سنن النسائي: "تسموا بأسماء الأنبياء" (٣).

وأما الكنية، ففيها نوع إكرام، وقد كنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صهيبا: أبا يحيى وأمير المؤمنين، وعليا: أبا تراب، مع كنيته الأولى أبو الحسن، وكانت أحب كناه إليه، وكنى صنو أنس الطفل: أبا عميرة، ولم يثبت في المنع عن التكني شيء إلا حديث "وتسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" (٤) وللعلماء في هذه المسألة أقوال:

بعضهم يقول: يجوز أن يتكنى أحد بأبي القاسم مطلقا. سواء كان اسمه


(١) لم نعثر عليه وانظر تحفة المولود بأحكام المولود (ص ٤٢) وما بعدها.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الاستئذان، باب: ما يكره من الأسماء، حديث رقم (٣٤) وهو حديث مرسل أو معضل, وصله ابن عبد البر من طريق أبي وهب عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير عن يعيش الغفاري.
(٣) رواه السيوطي في جميع الجوامع (ج ٢ ص ٤٣٤) وانظر تحفة المولود (ص ٨٦).
(٤) تقدم تخريجه في الحديث قبله.

<<  <   >  >>