الثاني أنَّه كان يجوز له أن يعاشرهن بغير قسم وذا من خصائصه، وطلق بعضهن وراجع، وآلى مؤقتا بشهر، ولكن ما ظاهر، وبعض الفقهاء قال ظاهر أيضًا، وهو غلط واضح، وسهو فاضح، وسيرته معهن أحسن السير، وقد قال:"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى"(١).
وكان يسوق بنات الأنصار إلى عائشة ليلاعبوها، وإذا التمست أمرًا ليس فيه محظور وافق، وتابع. وشربت من كوز فأخذه - صلى الله عليه وسلم - ووضع شفته موضع شفتها ثمَّ شرب، ورفعت عظما فنهشت مما عليه من اللحم، فأخذه - صلى الله عليه وسلم - من يدها، وأكل من موضع فمها، وكان يتكئ عليها، ويقرأ القرآن، وكان يجعل رأسه في حضنها، ويتلو، وإن كانت حائضا.
وفي حالة الحيض كان يأمرها بشد الإزار، ثمَّ يعانقها فوقه، ويلصق سائر بشرته بها، وكان يقبلها في أيام الصيام، ومن كمال لطفه، وغاية مكارم أخلاقه مع أهل بيته، أنَّه كان يمكنها من اللعب باللعب، كما هي عادة البنات، واتكأت على كتفه لتنظر إلى الحبشة ورقصهم.
وفي السفر سابقها مرتين راجلا، سبقته عائشة في المرّة الأولى، وفي المرّة الثانية كانت عائشة قد بدنت فسبقها - صلى الله عليه وسلم - فقال:"هذا بذاك" وخرجا مرة من الحجرة معا وتدافعا عند محلّ الباب، حتى خرجا، وكان إذا عزم على سفر أقرع بينهن، فمن وقعت قرعتها ذهب بها، ولم يقض للمقيمات عند العود وربما لاعب احداهن، ووضع يده عليها بحضور الجميع، وكان يطوف على
(١) أخرجه الترمذي في أبواب المناقب باب في فضل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - (ج ٥ ص ٣٦٩) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والدارمي في كتاب النكاح باب في حسن معاشرة النساء (ج ٢ ص ٨٢) وليس فيه: (وأنا خيركم) وابن حبان في كتاب النكاح باب في عشرة النساء موارد الظمآن (ص ٣١٨)، والبيهقي في الأربعون الصغرى (ص ٢١٣).