للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، والغاشية (١)، وعلى هذا واظب إلى آخر عمره.

لا جرم أن الخلفاء الراشدين ساروا علي طريقه فكان الصديق رضي الله تعالى عنه يقرأ في صلاة الصبح سورة البقرة، وأمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه كان يصلي الصبح حينًا بيوسف، والنحل، وحينًا بهود وبني إسرائيل.

ولو نسخت إطالة الصلاة لما فعلها الخلفاء الراشدون. وفى حديث أنس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخف الناس صلاة في تمام. والمراد من هذا الحديث أن طول صلاته بالنسبة إلى صلاة غيره كان قليلا في الغاية كمعاذ مثلا، فإنه كان يقرأ في صلاة العشاء سورة البقرة، والتخفيف أمر نسبى، وفى سنن النسائى ثابت أن ابن عمر رضي الله تعالي عنهما قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالتخفيف ويأمنا بالصافات) (٢). فقراءة والصافات، في الصلاة من باب التخفيف الذي أمر به الصحابة، ولم يعين شيئا من السور، لشئ من الصلوات سوي الجمعة والعيدين.

قال عبد الله بن عمر: ما من سورة من طوال المفصل وقصاره إلا وقد سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأها في صلاة الفريضة، وكان يقرأ السورة بتمامها غالبًا وفي النادر كان يقرأ بعض السور لبيان الجواز، وحيثما اقتصر على بعض السورة كان أولها فأما قراءة آخر السورة وأوسطها فإنه لم يرد، وكان يطول الركعة الأولى على الثانية دائمًا، وكان يطيل صلاة الصبح علي ما سواها من الصلوات، لأن النزول الربانى في ثلث الليل الأخير، باق إلى انقضاء صلاة الصبح، وبعضهم يقول إلى طلوع الفجر وكلاهما مروي.

وبعض المشايخ يقول: لما كان في عدد ركعات الصبح نقص كمل بالتطويل أو لأنها وقعت بعد الراحة بنوم الليل، أو لأنها وقت ليس فيه اشتغال بأمر المعاش والدنيا، وفيه يتواطأ القلب واللسان والسمع، ويسهل فيه تدبر القرآن، لا جرم تعين صرف تمام العناية إلي التطويل والتكميل.


(١) انظر صحيح البخاري باب (٩٩ - ج ٢ ص ٣٤٧)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الصبح (٤٣٦ - ج ١ ص ٣٣٨)، وأبي داود في كتاب الصلاة، باب قدر القراءة في المغرب حديث (٨١١ - ج ١ ص ٢١٤)، والنسائي (ج ٢ ص ١٦٩) والموطأ (ج ١ ص ٧٨).
(٢) انظر: سبل السلام (ج ١ ص ٣٦٠)، ونيل الأوطار (ج ٢ ص ٢٣٥).

<<  <   >  >>