عظيم، وسأخبرك بشرفه وفضله في الدنيا، وما يرجى فيه لأهله، وبإسمه في الآخرة. فأما شرفه وفضله في الدنيا فإن اللهْ جمع فيه أمر الخلق، وأما ما يرجى فيه لأهله فإن فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم - أو أمة مسلمة - يسأل الله فيه خيرا إلا أعطاه إياه (١).
وأما شرفه وفضله في الآخرة واسمه فإن الله تبارك وتعالى إذا صير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار, جرت عليهم هذه الأيام وهذه الليالى ليس فيها ليل ولا نهار. فاعلم الله عز وجل مقدار ذلك وساعاته، فإذا كان يوم الجمعة حين يخرج أهل الجنة إلى جنتهم نادى أهل الجنة مناد: يا أهل الجنة اخرجوا إلى وادى الزبد، ووادى المزيد لا يعلم سعته وطوله وعرضه إلا الله، فيه كثبان المسك رءوسها في السماء.
قال: فيخرج غلمان الأنبياء بمنابر من نور، ويخرج غلمان المؤمنين بكراسي من ياقوت، فإذا وضعت لهم وأخذ القوم مجالسهم بعث الله تعالى إليهم ريحا تدعى المثيرة تنشر ذلك المسك. وتدخله من تحت ثيابهم وتخرجه في وجوههم وأشعارهم، وتلك الرياح أعلم كيف يصنع بذلك المسك من امرأة أحدكم لو رفع إليها كل طيب على وجه الأرض.
قال: ثم يوحى الله تبارك وتعالى إلى حملة عرشه ضعوه بين أظهرهم، فيكون أقل ما يسمعون منه: أن يا عبادى الذين أطاعونى بالغيب ولم يرونى وصدقوا برسلى واتبعوا أمرى سلوا فهذا يوم المزيد، فيجتمعون على كلمة واحدة (رضينا عنك، فارض عنا) فيرجع الله إليهم: أن يا أهل الجنة إنى لو لم أرض عنكم لم أسكنكم دارى، فسلونى فهذا يوم المزيد، فيجتمعون على كلمة واحدة، (ربنا أرنا وجهك ننظر إليه) فيكشف عن تلك الحجب، ويتجلى لهم عز وجل من نوره شيء، لولا أنه قضى أن لا يحُرقوا لاحترقوا، لما يغشاهم من نوره، ثم يقال لهم: ارجعوا إلى منازلكم، فيرجعون إلى
(١) رواه أحمد في المسند (٢/ ٤٩٨)، والبخارى (٨/ ١٥٣)، ومسلم (٢/ ٥٨٤)، وابن ماجه (١/ ٣٦٠)، وابن خزيمة في الصحيح (٣/ ١٢١)، والبغوى في مسند ابن الجعد (٢/ ١٠٩٢)، والطبرانى في الدعاء (٢/ ٨٥١).