للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحمتك وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير رائت" (١).

وفي كل وقت استسقى - صلى الله عليه وسلم - أجيب، وجاء المطر، واستسقى مرة، فقام رجل من الصحابة يعرف بأبي لبابة وقال: يارسول الله التمر في المربد، ونخشى أن يتلف فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب مربده (٢) بإزاره فأمطرت، فاجتمعوا إلى أبي لبابة فقالوا: إنها تقلع حتى تقوم عريانا فتسد ثعلب مربدك بإزارك كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل فاستهلت السماء (٣).

وكانوا إذا كثر المطر وأفرط طلبوا الصحو من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يقول في الاستصحاء: "اللهم على الأكام، والجبال، والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر" (٤).

وكان عند ابتداء المطر يميط ثوبه عن بعض بدنه ليصيبه المطر ويقول: لأنه حديث عهد بربه، وكان إذا سال وادى العقيق وغيره يقول: "اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورًا فنتطهر منه، ونحمد الله تعالى عليه".

وكان إذا رأى الريح، والسحاب، ظهرت الكراهية في وجهه المبارك، وكان يتردد فإذا جاء المطر انبسط وزالت الكراهية.


(١) انظر صحيح البخاري (ج ٢ ص ٥٠١)، ومسلم (ج ٢ ص ٦١٢ - ٦١٤)، وسنن أبي داود (ج ١ ص ٣٠٤ - ٣٠٥).
(٢) المربد: موضع يجفف فيه التمر. وثعلبه: ثقبه الذي يسيل فيه المطر.
(٣) لم نجده فيما اطلعنا عليه من كتب الحديث.
(٤) متفق عليه رواه البخاري ومسلم وأورده الشوكاني في نيل الأوطار (ج ٤ ص ١٣) وقد تقدم تخريجه.
والإكام - بالكسر - جمع أكمة وهي الرابية. والظراب: هي الجبال الصغير.

<<  <   >  >>