(٢) قالِ الله - تعالى - في سورة الفتح، الآية (١٨): {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}، وقالَ في سَورَة التَوبة، الآية (١٠٠): {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، فهولاء الأصحاب أخبرنا الله - عز وجل - أنه علم ما في قلوبهم، وأنزل السكينة عليهم، ورضي عنهم، والرضى من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضى، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدا، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم، ولا الشك فيهم البتة. وقد بين في آية التوبة أنه رضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان، ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان، وكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة، لا يدخل النار لتعذيب، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه، وعمله الصالح فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء والمدح عليه، فلو علم أنه يتعقب ذلك ما يسخط الرب. لم يكن من أهل ذلك. وقد وعدهم سكنى الجنة، خالدين فيها أبدا {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [من الآية: (٢٠)، من سورة: الزمر]. ولقد خاب، وخسر من ردَ حكمَ ربه - عزَ وجل -، ووعده. - نظر: الفصل لابن حزم (٤/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، والصارم المسلول =