بعضَه فهل يجزئه؟ فيه تفصيل، فاعلم أن لفظ المباركات والصلوات والطيبات والزاكيات سنّة ليس بشرط في التشهّد، فلو حذفها كلَّها واقتصر على قوله التحيات للَّه السلام عليك أيُّها النبيّ إلى آخره أجزأه. وهذا لا خلاف فيه عندنا. وأما في الألفاظ من قوله: السلام عليك أيُّها النبيُّ، إلى آخره فواجب لا يجوز حذف شيء منه إلا لفظ ورحمة الله وبركاته، ففيهما ثلاثة أوجه لأصحابنا. أصحها لا يجوز حذف واحدة منهما، وهذا هو الذي يقتضيه الدليل لاتفاق الأحاديث عليهما. والثاني يجوز حذفهما. والثالث يجوز حذف وبركاته دون ورحمة الله. وقال أبو العباس بن سُريْج من أصحابنا: يجوز أن يقتصر على قوله: التحيات للَّه، سلام عليك أيّها النبيّ، سلام على عباد الله الصالحين، أشهدُ أنْ لا إله إلاّ اللَّه وأنَّ محمدًا رسول الله. وأما لفظ السلام فأكثر الروايات: السلام عليك أيُّها النبيّ، وكذا السلام علينا بالألف واللام فيهما، وفي بعض الروايات: سلام بحذفهما فيهما. قال أصحابنا: كلاهما جائز، ولكن الأفضل: السلام بالألف واللام لكونه الأكثر، ولما فيه من الزيادة والاحتياط.
أما التسمية قبل التحيات فقد روينا حديثًا مرفوعًا في سنن النسائي والبيهقي وغيرهما بإثباتها، وتقدم إثباتها في تشهّد ابن عمر، لكن قال البخاري والنسائي وغيرهما من أئمة الحديث: إن زيادة التسمية غير صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذا قال جمهور أصحابنا: لا يُستحبّ التسمية، وقال بعض أصحابنا: يستحبّ، والمختار أنه لا يأتي بها، لأن جمهور الصحابة الذين رووا التشهّد لم يرووها.
[فصل]: اعلم أن الترتيب في التشهد مستحبٌّ ليس بواجب، فلو قدم بعضه على بعض جاز على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الجمهور، ونصَّ عليه الشافعي رحمه الله في الأم. وقيل لا يجوز كألفاظ