ثم إن جماهير أصحابنا أطلقوا المسألة كما ذكرته. وقال أبو الخير اليمني صاحب "البيان" منهم: لو كان الميت مبتدعًا مظهرًا للبدعة، ورأى الغاسلُ منه ما يكره، فالذي يقتضيه القياس أن يتحدّث به في الناس ليكونَ ذلك زجرًا للناس عن البدعة.
١٢٠ ـ بابُ أَذْكَارِ الصَّلاة على الميّت
اعلم أن الصلاة على الميت فرض كفاية، وكذلك غسله وتكفينه ودفنه، وهذا كلُّه مجمع عليه. وفيما يسقط به فرض الصلاة أربعة أوجه: أصحّها عند أكثر أصحابنا يسقط بصلاة رجل واحد. والثاني: يُشترط اثنان. والثالث: ثلاثة. والرابع: أربعة؛ سواء صلُّوا جماعة أو فُرادى. وأما كيفية هذه الصلاة فهي أن يكبرَ أربعَ تكبيرات ولا بُدَّ منها، فإن أخلَّ بواحدة لم تصحّ صلاته، وإن زاد خامسة ففي بطلان صلاته وجهان لأصحابنا: الأصحّ لا تبطل، ولو كان مأمومًا فكبَّر إمامُه خامسة، فإن قلنا إن الخامسة تبطل الصلاة فارقه المأموم كما لو قام إلى ركعة خامسة. وإن قلنا بالأصحّ أنها لا تبطل لم يفارقه ولم يتابعه على الصحيح المشهور، وفيه وجه ضعيف لبعض أصحابنا أنه يتابعه، فإذا قلنا بالمذهب الصحيح أنه لا يتابعه فهل ينتظره ليسلّم معه، أم يسلّم في الحال؟ فيه وجهان: الأصحّ ينتظره، وقد أوضحتُ هذا كلَّه بشرحه ودلائله في شرح المهذّب. ويستحبّ أن يرفعَ اليد مع كل تكبيرة. وأما صفة التكبير وما يستحبّ فيه وما يبطله وغير ذلك من فروعه فعلى ما قدمته في باب صفة الصلاة وأذكارها.
وأما الأذكارُ التي تُقال في صلاة الجنازة بين التكبيرات، فيقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة، وبعد الثانية يُصلِّي على النبيّ صلى الله عليه وسلم، وبعد الثالثة يدعو للميت، والواجب منه ما يقع عليه اسم الدعاء، وأما الرابعة فلا يجب