صلَّى بنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الصبح بالحديبية في إثر سماءٍ كانتْ من الليل، فلما انصرفَ أقبلَ على الناس فقال:"هَلْ تَدْرُونَ ماذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالوا: الله ورسولُه أعلم، قال: قالَ أَصْبَحَ مِنْ عِبادِي مُؤْمِنٌ بِي وكافِرٌ، فأمَّا مَنْ قالَ: مُطِرْنا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كافرٌ بالكَوْكَبِ؛ وأمَّا مَنْ قالَ: مُطِرْننا بِنَوءِ كَذَا وكَذّا فَذَلِكَ كافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بالكَوْكَبِ".
قلت: الحديبية معروفة، وهي بئر قريبة من مكة دون مرحلة، ويجوز فيها تخفيف الياء الثانية وتشديدها، والتخفيف هو الصحيح المختار، وهو قول الشافعي وأهل اللغة، والتشديد قول ابن وهب وأكثر المحدّثين. والسماء هنا المطر. وإثر بكسر الهمزة وإسكان الثاء، ويقال بفتحهما لغتان.
قال العلماء: إن قال مسلم: مُطرنا بنوْء كذا مريدًا أن النَّوْءَ هو الموجد والفاعل المحدِثُ للمطر، صارَ كافرًا مرتدًّا بلا شكّ؛ وإن قاله مُريدًا أنه علامة لنزول المطر فينزل المطر عند هذه العلامة، ونزوله بفعل الله تعالى وخلقه سبحانه، لم يكفر. واختلفوا في كراهته، والمختار أنه مكروه؛ ولأنه من ألفاظ الكفّار، وهذا ظاهر الحديث، ونصَّ عليه الشافعي رحمه الله في الأمّ وغيره، والله أعلم. ويُستحبّ أن يشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة أعني نزول المطر.
١٤٢ ـ بابُ ما يقولُه إذا نزلَ المطرُ وخِيفَ منه الضَّرَر
[١/ ٤٦٨] روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله
[٤٦٨] البخاري (١٠١٣)، ومسلم (٨٩٧)، والموطأ ١/ ١٩١، وأبو داود (١١٧٤) و (١١٧٥)، والنسائي ٣/ ١٥٤ـ١٥٥، و"سبتًا" أي أسبوعًا.