الله عنه: ثلاثٌ من جَمعهنّ فقد جمعَ الإِيمانَ؛ الإِنصافُ من نفسك، وبذلُ السَّلام للعالم، والإِنفاقُ من الإِقتار.
وروينا هذا في غير البخاري مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: قد جمعَ في هذه الكلمات الثلاث خيراتِ الآخرة والدنيا، فإنَّ الإِنصافَ يقتضي أن يؤدّي إلى الله تعالى جميع حقوقه وما أمره به، ويجتنب جميع ما نهاه عنه، وأن يؤدّي إلى الناس حقوقهم، ولا يطلب ما ليس له، وأن ينصف أيضًا نفسه فلا يوقعها في قبيح أصلًا. وأما بذلُ السلام للعالم فمعناه لجميع الناس، فيتضمن أن لا يتكبر على أحد، وأن لا يكون بينه وبين أحد جفاء يمتنع من السلام عليه بسببه. وأما الإِنفاق من الإقتار فيقتضي كمال الوثوق بالله تعالى والتوكل عليه والشفقة على المسلمين إلى غير ذلك، نسأل الله تعالى الكريم التوفيق لجميعه.
٢١٣ ـ بابُ كيفيّة السَّلام
اعلم أن الأفضل أن يقول المسلم: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلَّم عليه واحدًا، ويقولُ المجيب: وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَركاتُه، ويأتي بواو العطف في قوله: وعليكم.
وممّن نصّ على أن الأفضل في المبتدىء أن يقول "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماورديّ في كتابه "الحاوي" في كتاب السِّيَر، والإِمام أبو سعد المتولي من أصحابنا في كتاب "صلاة الجمعة" وغيرها.