للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أما بعد: فقد قال الله العظيم العزيز الحكيم: {فاذْكُرُوني أذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢] وقال تعالى: {وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلا ليَعْدون} [الذاريات:٥٦] فعُلِم بهذا أمن أفضل ـ أو أفضل ـ حال العبد، حال ذكره ربَّ العالمين، واشتغاله بالأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين.

وقد صنَّف العلماءُ رضي اللهع عنهم في عمل اليوم والليلة والدعوات والأذكار كتبًا كثيرةً معلومةً عند العارفين، ولكنها مطوّلة بالأسانيد والتكرير، فضَعُفَتْ عنها هممُ الطالبين، فقصدتُ تسهيل ذلك على الراغبين، فشرعتُ في جمع هذا الكتاب مختصرًا مقاصد ما ذكرته تقريبًا للمعتنين، وأحذف الأسانيد في معظمه لما ذكرته من إيثار الاختصار، ولكونه موضوعًا للمتعبدين، وليسوا إلى معرفة الأسانيد (١) متطلعين، بل يكرهونه وإن قَصُرَ إلا الأقلّين، ولأن المقصود به معرفةُ الأذكار والعمل بها، وإيضاحُ مظانّها للمسترشدين، وأذكر إن شاء الله تعالى بدلًا من الأسانيد ما هو أهم منها مما يخلّ به غالبًا، وهو بيان صحيح (٢)

الأحاديث وحسنها وضعيفها ومنكرها،


(١) "الأسانيد": جمع إسناد، وهو الإخبار عن طريق المتن، والسند رجاله، وقيلب هما بمعنى.
(٢) " صحيح الأحاديث" قال ابن علاّن ـ رحمه الله تعالى ـ ما خلاصته: "الصحيح في الأصل من أوصاف الأجسام، ثم جُعل وصفًا للحديث. ثم هو قسمان: صحيح لذاته، وهو ما اتصل سنده برواية العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علّة قادحة. وصحيح لغيره، وهو ما كان راويه دون ذلك في الضبط والإتقان، فيكون حديثه في مرتبة الحسن، فيرتقي بعدد طرقه إلى الصحة، ويقال له: صحيح لغيره. والحسن قسمان كذلك: حسن لذاته، وهو الذي عرَّفه الخطّابيُّ بقوله: أن يكون راويه مشهورًا بالصدق والأمانة، لكن لم يبلغ درجة الصحيح؛ لقصور راويه عن رواة الصحيح في الحفظ والإتقان، وهو مرتفع عن حال من يُعَدُّ تفرده مُنكرًا. وحسن لغيره، وهو الذي عرفه الترمذي بقوله: أن لا يخلو الإسناد من مستور لم تتحقق أهليته، وليس مغفلًا كثير الخطأ فيما يرويه، ولا هو متهم بالكذب في الحديث، ولا ظهر منه سبب آخر مُفسِّقٌ، ويكون الحديث معروفًا برواية مثله أو نحوه، من وجه آخر، ولا بدّ للحكم بحسن الحديث مطلقًا سلامته =

<<  <   >  >>