وجعه فقال: يا بني! كيف تجدك؟ قال: أجدني في الحقّ، قال: يا بنيّ! لأن تكون في ميزاني أحبّ إليّ من أن أكون في ميزانك، فقال: يا أبتِ! لأن يكون ما تُحبُّ أحبّ إليّ من أن يكون ما أحب.
وعن جُويرية بن أسماء، عن عمّه، أن إخوة ثلاثة شهدوا يوم تُسْتَرَ فاسْتشهدوا، فخرجتْ أُمُّهم إلى السوق لبعض شأنها، فتلقاها رجلٌ حضرَ تُسْتَرَ، فعرفتْه، فسألته عن أمور بَنِيها، فقال: اسْتُشهدوا، فقالت: مُقبلين أو مُدبرين؟ قال: مُقبلين، قالت: الحمد لله، نالوا الفوزَ وحاطوا الذِّمار، بنفسي هم وأبي وأمي. قلت: الذِّمار بكسر الذال المعجمة، وهم أهل الرجل وغيرهم مما يحقّ عليه أن يحميه، وقولها حاطوا: أي حفِظوا ورعوا.
ومات ابن الإِمام الشافعي رضي الله عنه فأنشدَ:
وما الدّهرُ إِلاّ هكذا فاصْطبرْ لهُ ... رزِيَّةُ مالٍ أو فِراقُ حَبِيب
قال أبو الحسن المدائني: مات الحسنُ والدُ عبيد الله بن الحسن، وعبيدُ الله يومئذ قاضي البصرة وأميرُها، فكثر من يعزّيه، فذكروا ما يتبيّنُ به جزعُ الرجل من صبره، فأجمعوا على أنه إذا ترك شيئًا كان يصنعه فقد جزع.
قلت: والآثار في هذا الباب كثيرة، وإنما ذكرت هذه الأحرف لئلا يخلو هذا الكتاب من الإِشارة إلى طرف من ذلك والله أعلم.
[فصل]: في الإِشارة إلى بعض ما جرى من الطاعون في الإِسلام. والمقصود بذكره هنا التصبّر والحمل على التأسّي، وأن مصيبة الإِنسان قليلة بالنسبة إلى ما جرى قبله.
قال أبو الحسن المدائني: كانت الطواعين المشهورة العظام في