بما رويناه في السنن الكبرى للبيهقي (١)، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما؛ أنه كبّر على جنازة ابنه أربع تكبيرات، فقام بعد الرابعة كقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا. وفي رواية: كبَّرَ أربعًا فمكثَ ساعةً حتى ظننا أنه سيكبّر خمسًا، ثم سلَّم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني لا أزيدكم على ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصنعُ، أو هكذا صنعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم أبو عبد الله: هذا حديث صحيح.
[فصل]: وإذا فرغَ من التكبيرات وأذكارها سلَّمَ تسليمتين كسائر الصلوات، لما ذكرناه من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وحكم السلام على ما ذكرناه في التسليم في سائر الصلوات، هذا هو المذهب الصحيح المختار، ولنا فيه هنا خلاف ضعيف تركته لعدم الحاجة إليه في هذا الكتاب، ولو جاء مسبوقٌ فأدرك الإِمامَ في بعض الصلاة أحرمَ معه في الحال وقرأ الفاتحة ثم ما بعدها على ترتيب نفسه، ولا يُوافق الإِمام فيما يقرؤه، فإن كبَّرَ ثم كبَّرَ الإِمامُ التكبيرة الأخرى قبل أن يتمكن المأموم من الذكر سقطَ عنه كما تسقط القراءةُ عن المسبوق في سائر الصلوات وإذا سلَّمَ الإِمامُ وقد بقي على المسبوق في الجنازة بعضُ التكبيرات لزمه أن يأتي بها مع أذكارها على الترتيب، هذا هو المذهبُ الصحيح المشهور عندنا. ولنا قول ضعيف إنه يأتي بالتكبيرات الباقيات متواليات بغير ذكر الله، والله أعلم.
(١) السنن الكبرى للبيهقي ٤/ ٤٢، وقال الحافظ: حديث غريب، أخرجه ابن المنذر والطحاوي والحاكم والبيهقي .. ومداره على إبراهيم بن مسلم الهجري، وهو ضعيف عند جميع الأئمة. الفتوحات الربانية ٤/ ١٨١