وليس الدعاء بواجب على المشهور من مذهبنا ومذهب غيرنا. وقال بعض أصحابنا: إنه واجب لقول الشافعي: فحقّ على الوالي أن يدعوَ له، ودليلُه ظاهر الأمر في الآية. قال العلماء: ولا يستحبُّ أن يقولَ في الدعاء: اللَّهُمّ صلِّ على فلان، والمراد بقوله تعالى:{وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} أي ادْع لهم. وأما قول النبيّ صلى الله عليه وسلم:"اللَّهُمَّ صَلّ عَلْيهِم" فقال لكون لفظ الصلاة مختصًّا به، فله أن يُخاطب به مَنْ يَشاءُ، بخلافنا نحن. قالوا: وكما لا يُقال محمد عزّ وجلّ وإن كان عزيزًا جليلًا؛ فكذا لا يُقال أبو بكر أو عليّ صلى الله عليه وسلم، بل يُقال عليّ رضي الله عنه، أو رضوان الله عليه وشبه ذلك، فلو قال صلى الله عليه وسلم، فالصحيح الذي عليه جمهور أصحابنا أنه مكروه كراهة تنزيه. وقال بعضهم: هو خلاف الأولى ولا يُقال مكروه. وقال بعضهم: لا يجوز، وظاهره التحريم، ولا ينبغي أيضًا في غير الأنبياء أن يُقال عليه السلام أو نحو ذلك إلا إذا كان خطابًا أو جوابًا، فإن الابتداء بالسلام سنّة وردُّه واجب، ثم هذا كلُّه في الصلاة والسلام على غير الأنبياء مقصودًا. أما إذا جُعل تبعًا فإنه جائز بلا خلاف، فيُقال: اللَّهمّ صلّ على محمدٍ وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذرّيته وأتباعه، لأن السَّلفَ لم يمتنعوا من هذا، بل قد أُمرنا به في التشهد وغيره، بخلاف الصلاة عليه منفردًا، وقد قدَّمْتُ ذكرَ هذا الفصل مبسوطًا في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
[فصل]: اعلم أن نيّة الزكاة واجبة، ونيّتها تكون بالقلب كغيرها من العبادات، ويستحبّ أن يضمّ إليه التلفظ باللسان كما في غيرها من العبادات، فإن اقتصر على لفظ اللسان دون النيّة بالقلب ففي صحته خلاف. الأصحّ أنه لا يصحّ، ولا يجب على دافع الزكاة إذا نوى أن يقول مع ذلك: هذه زكاة، بل يكفيه الدفع إلى مَن كان من أهلها، ولو تلفظ بذلك لم يضرّه، والله أعلم.