من الكفاية أو من كفأت الإِناء، كما لا يقال في مقروء من القراءة: مقرىء، ولا في مرمىْ بالهمز. قال صاحب مطالع الأنوار في تفسير هذا الحديث: المراد بهذا المذكور كله الطعام، وإليه يعود الضمير. قال الحربيّ: فالمكفيّ: الإِناء المقلوب للاستغاء عنه كما قال "غير مستغنى عنه" أو لعدمه، وقوله غير مكفور: أي غير مجحود نِعمَ الله سبحانه وتعالى فيه، بل مشكورة، غير مستور الاعتراف بها والحمد عليها.
وذهب الخطابي إلى أن المراد بهذا الدعاء كله البارىء سبحانه وتعالى، وأن الضمير يعود إليه، وأن معنى قوله غير مكفيّ: أنه يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ كأنه على هذا من الكفاية، وإلى هذا ذهب غيره في تفسير هذا الحديث: أي إن الله تعالى مستغنٍ عن معين وظهير، قال: وقوله لا مودّع: أي غير متروك الطلب منه والرغبة إليه، وهو بمعنى المستغنى عنه، وينتصب ربنا على هذا بالاختصاص أو المدح أو بالنداء كأنه قال: يا ربنا اسمع حمدنا ودعاءنا، ومن رفعه قطعه وجعله خبرًا، وكذا قيده الأصيلي كأنه قال: ذلك ربّنا: أي أنت ربنا، ويصحّ فيه الكسر على البدل من الاسم في قوله الحمد لله.
وذكر أبو السعادات ابن الأثير في نهاية الغريب نحو هذا الخلاف مختصرًا. وقال ومن رفع ربّنا فعلى الابتداء المؤخر: أي ربنا غير مكفيّ ولا مودع، وعلى هذا يرفع غير. قال: ويجوز أن يكون الكلام راجعًا إلى الحمد كأنه قال: حمدًا كثيرًا غير مكفي ولا مودّع ولا مستغنى عن هذا الحمد. وقال في قوله ولا مودّع: أي غير متروك الطاعة، وقيل هو من الوداع وإليه يرجع، والله أعلم.
[٢/ ٥٧٩] وروينا في صحيح مسلم، عن أنس رضي الله عنه، قال:
[٥٧٩] مسلم (٢٧٣٤)، ولفظه "أن يأكلَ الأكلة .. أو يشربَ" وهو عند الترمذي (١٨١٧).