للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واعلم أن سنن أبي داود من أكبر ما أنقلُ منه، وقد روينا عنه أنه قال: ذكرتُ في كتابي: الصحيح وما يُشبهه ويُقاربه، وما كان فيه ضعف شديد بيّنته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضُها أصحّ من بعض. هذا كلام أبي داود، وفيه فائدة حسنة يحتاجُ إليها صاحب هذا الكتاب وغيرُه، وهي أن ما رواه أبو داود في سننه ولم يذكر ضعفَه فهو عنده

صحيح أو حسن، وكلاهُما يُحتجّ به في الأحكام، فكيف بالفضائل. فإذا تقرّر هذا فمتى رأيتَ هنا حديثًا من رواية أبي داود وليس فيه تضعيف، فاعلم أنه لم يضعِّفْه (١)، والله أعلم.

وقد رأيتُ أن أُقدِّم في أوّل الكتاب بابًا في فضيلة الذكر مطلقًا أذكر فيه أطرافًا يسيرة توطئةً لما بعدها، ثم أذكرُ مقصود الكتاب في أبوابه، وأختمُ الكتابَ إن شاء الله تعالى بباب الاستغفار تفاؤلًا بأن يختم الله لنا به، والله الموفِّق، وبه الثقة، وعليه التوكل والاعتماد، وإليه التفويضُ والاستناد.


(١) إن المتتبّع لتخريجات الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى على أحاديث كتاب الأذكار يلمس أن هذا الحكم غير مطّرد في جميع الأحاديث التي سكت عنها أبو داود، وذلك للأسباب التالية:
أـ ما قاله السخاوي: إن سنن أبي داود تعددت روايتها عن مصنفها، ولكل أصل، وبينها تفاوت، حتى في وقوع البيان في بعضها دون بعض، سيما رواية أبي الحسن بن العبد، ففيها من كلامه أشياء زائدة على رواية غيره، وحينئذ فلا يسوغ السكوت إلا بعد النظر فيها.
ب ـ قد يكون عدمُ تصريح أبي داود بضعف الحديث ضعفَه الظاهر.
جـ ـ إن سكوت أبي داود رحمه الله عن تضعيف حديث ما، قد يكون عن تساهل؛ كما ذكر ذلك الحافظ المنذري في مقدمة "الترغيب والترهيب". انظر "الفتوحات الربانية" ١/ ١٧٠ ـ ١٧٢، و "الترغيب والترهيب" ١/ ٣٥ ـ ٣٨. ومقدمة رياض الصالحين ص/ب - هـ بتحقيق فضيلة الشيخ الألباني

<<  <   >  >>