إن الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده اللهُ فلا مُضِل له، ومن يُضلل فلا هاديَ له. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله.
وبعد:
فإنَّ ذكرَ الله تعالى يُحيي القلوبَ، ويجلو صدأها، وُيذهب قسوتَها، وُيذيبُ ما رانَ عليها من مكاسبَ وشهوات، ويصلُها بالله عزّ وجل، فتَخفقُ في كنفه ورضوانه هانئةً مطمئنة .. والمسلم الذي يَنقادُ لربه سبحانه، ويذكرُه بلسانه وقلبه، وسرّه وجهره، إنما يُنيرُ دروبَ حياته ومَعَادِه بضياء إلهيٍّ غامر، ويُحرزُ نفسَه من كيد الشيطان ووسوسته، ويستحضرُ دائمًا أنه في حماية إلهٍ عزيز قدير، فتُثمرُ أوقاتُه بالمعارف والحكمة، ويكتسي وجهُه نضرةً وبهاءً.
وما أحوجَ المسلمين اليوم إلى ذكر الله تعالى واستغفارِه ومناجاتِه؛
بعد أن ادلهمَّت حولَهم الخطوبُ، واشرأبّتْ بينهم الفتنُ، وتداعى عليهم الأعداءُ، وتضافرتْ فوقَ رؤوسهم المحن .. وما أفقرَهم أفرادًا وجماعاتٍ إلى نور الذكر ليُبَدِّدَ ما اكتنفَ حياتَهم من ظلامٍ وفسادٍ وضَياع، وليجمعَ ما تشتَّتَ من قلوبهم وهِممهم، وما تبدَّدَ من إراداتِهم وعزائمِهم.