به مسلمًا أو كافرًا. قلت: وقد جاء من الأحاديث الصحيحة في جواز ذلك ما لا يُحصى، وقد نبَّهتُ على جمل منها في شرح صحيح مسلم.
[فصل]: ومما يُذمّ من الألفاظ: المِراء والجِدال والخُصومة. قال الإِمام أبو حامد الغزالي: المراء: طعنُك في كلام الغير لإِظهار خَلل فيه، لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيَّتِك عليه؛ قال: وأما الجدالُ فعبارةٌ عن أمر يتعلّقُ بإظهار المذاهب وتقريرها.
قال: وأما الخصومةُ فلِجَاجٌ في الكلام ليستوفيَ به مقصودَه من مال أو غيره، وتارة يكون ابتداءً وتارة يكون اعتراضًا؛ والمِراء لا يكون إلا اعتراضًا. هذا كلام الغزالي.
واعلم أن الجدال قد يكون بحقّ، وقد يكون بباطل، قال الله تعالى:{وَلا تُجادِلُوا أهْلَ الكِتابِ إِلَاّ بالَّتِي هِيَ أحْسَنُ}[العنكبوت:٤١] وقال تعالى: {وَجادِلْهُمْ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل:١٢٥] وقال تعالى: {ما يُجادِلُ في آياتِ اللَّهِ إلَاّ الَّذِينَ كَفَروا}[غافر:٤] فإن كان الجدالُ للوقوفِ على الحقّ وتقريرِه كان محمودًا، وإن كان في مدافعة الحقّ أو كان جدالًا بغير علم كان مذمومًا، وعلى هذا التفصيل تنزيلُ النصوص الواردة في إباحته وذمّه، والمجادلة والجدال بمعنى، وقد أوضحتُ ذلك مبسوطًا في تهذيب الأسماء واللغات.
قال بعضُهم: ما رأيتُ شيئًا أذهبَ للدين ولا أقصَ للمروءة ولا أضيعَ للذة ولا أشغلَ للقلب من الخصومة. فإن قلتَ: لا بُدَّ للإِنسان من الخصومة لاستبقاء حقوقه. فالجوابُ ما أجابَ به الإِمامُ الغزالي أن الذمَّ المتأكّدَ إنما هو لمن خاصمَ بالباطل أو غير علمٍ كوكيل القاضي، فإنه يتوكَّلُ في الخصومة قبل أن يعرفَ أن الحقّ في أيّ جانب هو فيخاصمُ بغير علم. ويدخلُ في الذمّ أيضًا مَن يطلبُ حَقَّه لكنه لا يقتصرُ على قدرِ