للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

رضي الله عنه ـ وهو بالغين المعجمة ـ قال:

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ على اسمِ صَلاتِكُمُ المَغْرِبِ" قال: وتقول الأعرابُ: هي العشاء.

وأما الأحاديث الواردة بتسمية عَتَمَةً كحديث: "لو يَعْلَمُونَ ما في الصُّبْحِ وَالعَتَمَةِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا" (١) فالجواب عنها من وجهين: أحدهما أنها وقعتْ بيانًا لكون النهي ليس للتحريم بل للتنزيه. والثاني أنه خُوطبَ بها مَن يخافُ أنه يلتبس عليه المراد لو سمَّاها عشاءً.

وأما تسمية الصبح غداةً فلا كراهة فيه على المذهب الصحيح، وقد كثرتِ الأحاديثُ الصحيحةُ في استعمال غداة، وذكر جماعة من أصحابنا كراهة ذلك، وليس بشيء، ولا بأسَ بتسمية المغرب والعشاء عشاءين، ولا بأس بقول العشاء الآخرة. وما نُقل عن الأصمعي أنه قال: لا يُقال العشاء الآخرة فغلط ظاهر، فقد ثبتَ في صحيح مسلم (٢)؛ أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أيُّمَا امْرأةٍ أصَابَتْ بَخُورًا فَلا تَشْهَدْ مَعَنا العِشاءَ الآخِرَةَ".

وثبت في ذلك كلامُ خلائقَ لا يُحصون من الصحابة في الصحيحين وغيرهما، وقد أوضحتُ ذلك كلَّه بشواهده في تهذيب الأسماء واللغات، وبالله التوفيق.

[فصل]: ومما يُنهى عنه إفشاءُ السرّ، والأحاديثُ فيه كثيرة، وهو حرامٌ إذا كان فيه ضررٌ أو إيذاء.

[٤٣/ ٩٧٦] روينا في سنن أبي داود والترمذي، عن جابر رضي الله


[٩٧٦] أبو داود (٤٨٦٨)، والترمذي (١٩٦٠) قال ابن علاّن: وكذا رواه أحمد والضياء كلهم من حديث جابر، ورواه أبو يعلى في مسنده من حديث أنس: وعلى هذا فالحديث حسن لغيره. ومعنى الحديث: إذا حدَّث أحدٌ عندك حديثًا ثم غاب عنك صار حديثهُ أمانةً عنك، ولا يجوز إضاعتها.

(١) البخاري (٦٥٣)، ومسلم (٤٣٧) و (١٩١٤)، والموطأ ١/ ١٣١، والنسائي ١/ ٢٦٩
(٢) مسلم (٤٤٤)، وأبو داود (٤١٧٥)، والنسائي ٨/ ١٥٤

<<  <   >  >>