"لأنْ يَمْتَلىءَ جَوْفُ أحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ منْ أنْ يَمْتَلِىءَ شِعْرًا"(١) وكل ذلك على حسب ما ذكرناه.
[فصل]: ومما يُنهى عنه الفحشُ، وبذاءةُ اللسان؛ والأحاديثُ الصحيحة فيه كثيرة معروفة. ومعناه: التعبيرُ عن الأمور المستقبحة بعبارة صريحة، وإن كانتْ صحيحةً والمتكلّمُ بها صادق، ويقعُ ذلك كثيرًا في ألفاظ الوقاع ونحوها. وينبغي أن يستعملَ في ذلك الكنايات ويعبّر عنها بعبارة جميلة يُفهم بها الغرضُ، وبهذا جاءَ القرآن العزيز والسن الصحيحة المكرّمة، قال الله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إلى نِسائِكُمْ}[البقرة:١٨٧] وقال تعالى: {وَكَيْفَ تَأخُذُونَهُ وَقَدْ أفْضَى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ}[النساء:٢١] وقال تعالى: {وَإنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ}[البقرة: ٢٣٧] والآيات والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة.
قال العلماء: فينبغي أن يستعملَ في هذا وما أشبهَه من العبارات التي يُستحيى من ذكرها بصريح اسمها الكنايات المفهمة، فيُكنّي عن جماع المرأة بالإِفضاءِ والدخولِ والمعاشرةِ والوِقاع ونحوها، ولا يُصرّح بالنّيل والجماع ونحوهما، وكذلك يُكنّي عن البول والتغوّط بقضاء الحاجة والذهاب إلى الخلاء، ولا يصرّحُ بالخِرَاءة والبول ونحوهما، وكذلك ذكرُ العيوب كالبرص والبَخَر والصُّنان وغيرها، يعبّر عنها بعبارات جميلة يُفهم منها الغرض، ويُلحق بما ذكرناه من الأمثلة ما سواه.
واعلم أن هذا كلَّه إذا لم تدعُ حاجةٌ إلى التصريح بصريح اسمه، فإن دعتْ حاجةٌ لغرض البيان والتعليم وخِيفَ أن المخاطَب لا يفهم المجاز، أو
(١) البخاري (٦١٥٥)، ومسلم (٢٢٥٧)، وأبو داود (٥٠٠٩)، والترمذي (٢٨٥٥)، عن أبي هريرة رضي الله عنه