للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يكن شيءٌ من ذلك فهو مكروهٌ وليس بحرام، إلا أن يُتوصَل به إلى أخذ باطل أو دفع حقّ، فيصيرُ حينئذ حرامًا، هذا ضابطُ الباب.

فأما الآثار الواردةُ فيه، فقد جاء من الآثار ما يُبيحه وما لا يُبيحه، وهي محمولةٌ على هذا التفصيل الذي ذكرناه. فمما جاء في المنع:

[١/ ٩٨٨] ما رويناه في سنن أبي داود، بإسناد فيه ضعفٌ لكن لم يُضَعِّفه أبو داود، فيقتضي أن يكون حسنًا عده كما سبق بيانه، عن سفيان بن أسد ـ بفتح الهمزة ـ رضي الله عنه قال:

سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كَبُرَتْ خِيانَةً أنْ تُحَدِّثَ أخاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ وأنْتَ بِهِ كاذِبٌ".

وروينا عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: الكلامُ أوسعُ من أن يكذب ظريفٌ. مثال التعريض المباح ما قاله النخعي رحمه الله: إذا بلغ الرجلَ عنك شيءٌ قلتَه فقل: الله يعلم ما قلتُ من ذلك من شيء، فيتوهم السامعُ النفيَ ومقصودُك الله يعلم الذي قلتُه. وقال النخعيُّ أيضًا: لا تقلْ لابنك: أشتري لك سكرًا، بل قل: أرأيتَ لو اشتريت لك سكرًا؟ وكان النخعي إذا طلبه رجلٌ قال للجارية: قولي له اطلبه في المسجد. وقال غيره: خرج أبي في وقت قبل هذا. وكان الشعبي يخطّ دائرة ويقول للجارية: ضعي أصبعك فيها وقولي: ليس هو هاهنا. ومثل هذا قول الناس في العادة لمن دعاهُ لطعام أنا على نيّة؛ موهمًا أنه صائم ومقصودُه على نيّة ترك الأكل؛ ومثلُه: أبصرتَ فلانًا؟ فيقول ما رأيتُه: أي ما ضربتُ رئته. ونظائرُ هذا كثيرة. ولو حلف على شيء من هذا وورَّى في يمينه لم يحنثْ،


[٩٨٨] أبو داود (٤٩٧١)، وإسناده ضعيف لوجود ضبارة بن مالك الحضرمي، ومجهولان، وسكوت أبي داود عن تضعيفه لا يجعله حسنًا.

<<  <   >  >>