للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما سلكت سبله بفضل الله ذللًا، وبلغت من اطراد الفهم فيه أملًا، رأيت أن نكته وفوائده تغلب قوة الحفظ وتفدح، وتسنح لمن يروم تقييدها في فكره وتبرح، وأنَّها قد أخذت بحظها من الثقل، فهي تتفصى من الصدر تفصي الإبل من العقل.

قال الله تعالى: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [المزمل: ٥].

قال المفسرون: أي علم معانيه والعمل بها.

ففزعت إلى تعليق ما يُتَنخَّل لي في المناظرة من علم التفسير وترتيب المعاني، وقصدت فيه أن يكون جامعًا وجيزًا محررًا، لا أذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به، وأثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح - رضوان الله عليهم - كتاب الله من مقاصده العربية السليمة من إلحاد أهل القول بالرموز، وأهل القول بعلم الباطن، وغيرهم، فمتى وقع لأحد من العلماء الذين قد حازوا حسن الظن بهم لفظ ينحو إلى شيء من أغراض الملحدين نبهت عليه.

وسردت التفسير في هذا التعليق بحسب رتبة ألفاظ الآية من حكم، أو نحو، أو لغة، أو معنى، أو قراءة، وقصدت تتبع الألفاظ حتى لا يقع طفر (١) كما في كثير من كتب المفسرين .. وقصدت إيراد جميع القراءات: مستعملها وشاذها، واعتمدت تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ، كل ذلك بحسب جهدي وما انتهى إليه علمي، وعلى غاية من الإيجاز وحذف فضول القول.

وأنا أسأل الله جلت قدرته، أن يجعل ذلك كله لوجهه، وأن يبارك فيه وينفع به، وأنا وإن كنت من المقصرين فقد ذكرت في هذا الكتاب كثيرًا من علم


(١) أي: وثب أو قفز.

<<  <   >  >>