للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* أما التدبر فأقرب ما يمكن أن يقال في تعريفه، «تأمل القرآن بقصد الاتعاظ والامتثال» (١).

أو «الوقوف مع الآيات والتأمل فيها، والتفاعل معها؛ للانتفاع والامتثال» (٢).

- وهذا التدبر لا بد أن يسبقه فهم للمعنى المراد من الآية، إذ محل التدبر مدلولات الآيات، يقول الإمام الطبري في تقرير هذا المعنى: «وفي حث الله ﷿ عباده على الاعتبار بما في آي القرآن، من المواعظ والتبيان، بقوله جل ذكره، لنبيه : ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ٢٩﴾ [ص: ٢٩]، وقوله: ﴿ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون﴾ [الزمر: ٢٨]، وما أشبه ذلك من آي القرآن، التي أمر الله عباده، وحثهم فيها، على الاعتبار بأمثال آي القرآن، والاتعاظ بمواعظه، ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيات.

لأنَّه محال أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له ولا يعقل تأويله: اعتبر بما لا فهم لك به، ولا معرفة من القيل والبيان إلا على معنى الأمر بأن يفهمه ويفقهه، ثم يتدبره ويعتبر به. فأما قبل ذلك، فمستحيل أمره بتدبره، وهو بمعناه جاهل، كما محال أن يقال لبعض أصناف الأمم الذين لا يعقلون كلام العرب ولا يفهمونه. لو أنشدت قصيدة شعر من أشعار بعض العرب، ذات أمثال ومواعظ وحكم: اعتبر بما فيها من الأمثال، وادكر بما فيها من المواعظ إلا بمعنى الأمر لها بفهم كلام العرب ومعرفته، ثم الاعتبار بما نبهه عليه ما فيها من


(١) انظر: تحرير معنى التدبر عند المفسرين، د. فهد الوهبي.
(٢) مفهوم التدبر في ضوء القرآن والسنة وأقوال السلف وأحوالهم، د. محمد الربيعة.

<<  <   >  >>