للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وقام الحسن البصري ذات ليلة يصلي، فلم يزل يردد هذه الآية حتى السحر ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: ٣٤]، فلما قيل له في ذلك، قال: «أرى فيها معتبرًا، ما أرفع طرفًا ولا أرده إلا وقع على نعمة، وما لا يعلم من نعم الله أكثر» (١).

- وجاء في سيرة محمد بن المنكدر: «بينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى وكثر بكاؤه حتى فزع أهله، وسألوه ما الذي أبكاه فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فأخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه، فإذا هو يبكي، قال: يا أخي، ما الذي أبكاك؟ قد رعت أهلك، أفمن علة؟ أم ما بك؟ قال: فقال: إنه مرت بي آية في كتاب الله ﷿، قال: وما هي؟ قال: قول الله تعالى: ﴿وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون﴾ [الزمر: ٤٧] قال: فبكى أبو حازم أيضا معه واشتد بكاؤهما، قال: فقال بعض أهله لأبي حازم: جئنا بك لتفرج عنه فزدته، قال: فأخبرهم ما الذي أبكاهما» (٢). ولذلك قال عنه مالك بن أنس: «كان محمد بن المنكدر سيد القراء، ولا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كان يبكي» (٣).

- وعن ابن عيينة، قال: «كان عمر بن ذر إذا قرأ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤﴾ [الفاتحة: ٤]، قال: يا لك من يوم! ما أملأ ذكرك لقلوب الصادقين!» (٤).


(١) التذكار: (ص ٢٠١).
(٢) حلية الأولياء: (٣/ ١٤٦).
(٣) حلية الأولياء: (٣/ ١٤٧)، قال الغزالي: «ووجه إحضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود ثم يتأمل تقصيره في أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية فليبك على فقد الحزن والبكاء فإن ذلك أعظم المصائب»، إحياء علوم الدين: (١/ ٢٧٧).
(٤) سير أعلام النبلاء: (٦/ ٣٨٨).

<<  <   >  >>