وهذا شيء مهم جدًّا! فكون القرآن (وَحْيًا) هو المعراج الرئيس الذي به يرتقي القارئ له إلى سماء القرآنية!
إنَّه المصطلح المفتاح الذي به يكتشف طبيعة القرآن، ويبصر نوره، ويتلقى حقائقه الإيمانية ورسالاته الربانية، ويشاهد شلالات الجمال والجلال، حية متدفقة من منابع القرآن!
إنَّ كون القرآن (وَحْيًا) ليس معنى تاريخيًّا فحسب؛ بل هو معنى مصاحب لطبيعته أبدًا! بمعنى أن صلة القرآن بالسماء هي صلة أبدية .. !
إنَّ المشكلة هي أنَّنا عندما نقرأ القرآن نربط الوحي فيه بذلك الماضي الذي كان! بينما الوحي نور حاضرٌ، وروح حي، يتدفق الآن في كل آيات القرآن، وينبع من تحت كل كلماته، شلالاتٍ من كوثر ثَجَّاجٍ!
لقد قُبِضَ رسولُ الله فانقطع الوحي التاريخي، أي انقطع فعل التنزيل الذي كان في الزمان والمكان، بواسطة الملاك جبريل ﵇، ولكن بقي الوحي القرآني، أو الوحي/ القرآن! والوحي هنا صفة اسمية من أسماء القرآن المجيد، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ [الأنبياء: ٤٥] وقال سبحانه: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٤].
وإنما سمي القرآن (وَحْيًا) لأنه نزل كذلك، قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ ﴿الأنعام: ١٩].