للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستبشر كأنه يطير من الفرح، وعند ذكر الله وصفاته وأسمائه يتطأطأ خضوعًا لجلاله واستشعارًا لعظمته، وعند ذكر الكفار ما يستحيل على الله ﷿ كذكرهم لله ﷿ ولدًا وصاحبة - يغضُّ صوته، ويكسر في باطنه حياء قبح مقالتهم، وعند وصف الجنة ينبعث بباطنه شوقًا إليها، وعند وصف النار ترتعد فرائصه خوفًا منها» (١).

ولو سألت: لماذا لا تلتذ وتتأثر بالقرآن؟!

وهل التأثر به هو البكاء لصوت القارئ؟!

فالجواب: «أنَّ القرآن هدًى كله، وهو كلُّ الهدى.

ومن صفات ما كان كذلك: أنَّه بذاته مؤثّر في السامع (غير المعاند ولا المستكبر)، ولا يشترط في ذلك طهارة القلب من كل آفة!

ولو كان يشترط للتأثر بالقرآن طهارةُ القلب من كل آفة؛ لما كان القرآن هو الهادي الشافي!

ولكان في القول بذلك قول بالدور السبقي العدمي المستحيل، فحقيقته: القول باشتراط طهارة القلب قبل استماع القرآن؛ واشتراط استماع القرآن قبل طهارة القلب!

فلماذا لا تتأثر إذن بالقرآن، في ورد القراءة والصلاة؟

هذا فرض محال!

مهما استمعتَ إلى القرآن أو قرأتَه فأنتَ آخذ في الاهتداءِ بتنقية المحل، وتبديد ظلمته واستبدال النور به، وتخليته من الران الذي أكسبتَه إياه بنفسك!


(١) إحياء علوم الدين: (١/ ٢٨٦).

<<  <   >  >>