للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الجهاد، هو الجهاد الأفرض، والأعظم، وما سواه تابع له!

إذ هو في الحقيقة: أن تمتلك نفسك، فتقودها، ولا تملكك فتسحبك!

ووالله إنَّ ظنَّك في نفسك أن تَثبتَ في ساحة القتال، وأنت لا تملكُها في ركعات وقراءة أعذب كلام وأحلاه، ولا تملكها في كف الأذى عنها، وقد علمتَ أنَّه أذاها وهلاكها؛ لهو من أعظم الجهل وظن السوء والجاهلية بالله وشرعه، والأمانيِّ الكاذبة!

وقد قال النبي : «المجاهدُ من جاهد نفسه في طاعة الله» (١).

قال التقيُّ ابن تيمية شيخ الإسلام : «جهادُ النفس والهوى؛ أصلُ جهاد الكفار، والمنافقين!

فإنه لا يقدر على جهادهم، حتى يجاهدَ نفسَه وهواه أولا، حتى يخرج إليهم» (٢)!

وقال الشمس ابن القيم قدس الله روحه: «وأفرضُ الجهاد؛ جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا!

فمن جاهد هذه الأربعة في الله؛ هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد؛ فاتَه مِنْ الهدى بحسب ما عطَّل» (٣)!

وقال أيضًا: «لما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعًا على جهاد العبد نفسه في ذات الله، كما قال النبي : «المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله،


(١) رواه أحمد: (٢٣٩٥١)، والترمذي: (١٦٢١).
(٢) روضة المحبين: (٤٧٨).
(٣) الفوائد: (٥٩).

<<  <   >  >>