للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (١)؛ كان جهاد النفس مقدمًا على جهاد العدو في الخارج، وأصلًا له!

فإنه ما لم يجاهد نفسَه أولا، لتَفعلَ ما أُمرَت به، وتَتركَ ما نُهيَت عنه، ويحاربَها في الله؛ لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج.

فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه، وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهرٌ له، متسلّط عليه، لم يجاهده، ولم يحاربه في الله؟!

بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه حتى يجاهدَ نفسَه على الخروج» (٢) انتهى!

فالمقصود:

أولًا: لا تعجل على نفسك، واعلم أنَّ طريق استقامة النفس طويلة، وشاقة.

ثانيًا: بقدر مكابدتك نفسَك وزجرها عما تحب؛ تملكها، وبقدر ملكك لنفسك؛ تستطيع أن تأطرها على الحقّ أطرًا.

ثالثًا: إذا أردت الانتفاع بالقرآن حقًّا؛ فعليك أن تعمل على جهتين:

١ - امنع الأذى عن قلبك، وإنما يدخل الأذى إلى القلب رأسًا بلا واسطة من العين والأذن، وشرحه يطول، ودليله في القرآن، فلا تستمع ولا تنظر إلى الكذب ولا الزور، وما أكثر ذلك.

ثم لا تأكل السحت وأقلل من فضول الكلام، بل؛ امنعه!


(١) رواه بنحو هذا اللفظ، أحمد: (٢٣٩٥٨)، وروى البخاري: (١٠) عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه».
(٢) زاد المعاد: (٣/ ٥).

<<  <   >  >>