للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي المسند أيضا عن عامر، أو أبي عامر، أو أبي مالك أن جبريل قال للنبي : ما الإسلام؟ قال: «أن تسلم وجهك لله، وأن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة»، قال: فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت؟ قال: «نعم».

فهذه الأحاديث متطابقة في المعنى وإن اختلفت في بعض الألفاظ، وهي تُفسِّر معنى الإسلام الحقيقي المطلوب من كل أحد، وتفيد أن من ترك شيئا مما ذكر فيها فليس بمسلم وإن زعم ذلك بلسانه، وهذا مستفاد من جواب السؤال، ومن قوله أيضا: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: «نعم»، فدل بمفهومه أن من ترك من ذلك شيئا فليس بمسلم، والمراد إذا تركه من غير عذر شرعي يبيح له الترك، فأما أهل الأعذار فلهم أحكام خاصة معروفة في مواضعها، وتفيد أيضا أنه لابد في الإسلام من تجريد التوحيد لله تعالى، والكفر بما يعبد من دونه كائنا ما كان، والدليل على ذلك قوله في الرواية الثانية لمسلم: «أن يوحد الله»، وقوله في الرواية الثالثة له: «أن يعبد الله ويكفر بما دونه»، وقوله في حديث أبي هريرة: «أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا»، وقوله في رواية عبد الله ابن الإمام أحمد عن عمر : «أن تسلم وجهك لله»، وقوله في حديث معاوية بن حيدة: «أن تسلم قلبك لله وتوجه وجهك لله»، وكذلك ما تقدم قريبا في حديث أبي مالك الأشجعي، عن أبيه: «من وحّد الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله»، وكذلك قوله في حديث أنس الذي بعده: «وذبحوا ذبيحتنا» يعني: ذبحوا لله وعلى اسم الله، ولم يذبحوا لغيره، ولا على اسم (١)


(١) كذا في الأصل، ولعلَّ الصواب: ولا على اسم غيره.