حدَّث، ويخلف إذا وعد، ويخون إذا اؤتُمن، أو يفجر إذا خاصم. انتهى.
قلت: ومن النفاق الأكبر أيضا بغض ما جاء به الرسول ﷺ، أو بغض شيء منه.
ومنه أيضا التحاكم إلى الطواغيت والقوانين الدولية، وعدم الرضى بالأحكام الشرعية، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء: ٦٠ - ٦١]، ثم نفى ﵎ الإيمان عمن لم يحكم الرسول ﷺ عند الخصومات والتنازع، ويرضى بحكمه، ويطمئن إليه قلبه، ولا يبقى لديه شك ولا شبهة في أنما حكم به فهو الحق الذي يجب المصير إليه، فيذعن لذلك، وينقاد له ظاهرا وباطنا، وأقسم ﷾ على هذا النفي بنفسه الكريمة المقدسة فقال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].
وقد وقع في هذا النوع كثير من أهل زماننا، ولاسيما أهل الأمصار الذين غلبت عليهم الحرية الإفرنجية، وهانت لديهم الشريعة المحمدية، فاعتاضوا عن التحاكم إليها بالتحاكم إلى القوانين والسياسات والنظامات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما شرعتها لهم الدول الكافرة بالله ورسوله، أو من يتشبه بهم ويحذو حذوهم من الطواغيت الذين ينتسبون إلى الإسلام وهم عنه بمعزل.