للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئاً وهم يخلقون، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً، وهم عبّاد الأوثان، والطواغيت، والأشجار، والأحجار، والعيون، والغيران، وغيرها مما يعبد من دون الله، وهم أشبه الناس بمشركي العرب؛ الذين كانوا يعبدون اللات، والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، ووداً، وسواعاً، ويغوث، ويعوق، ونسراً، ونحوها من معبودات أهل الجاهلية، بل مشركو هذه الأزمان وقبلها بدهر طويل أجهل بالله تعالى وتوحيده، وأعظم شركاً من مشركي العرب ومن قبلهم، وبيان ذلك من وجهين:

أحدهما: أن مشركي هذه الأزمان، وقبلها بقرون كثيرة إذا وقعوا في الشدائد أخلصوا الدين لغير الله؛ فتراهم يهتفون باسم علي وغيره من أهل البيت، أو باسم عبد القادر الجيلاني، أو أحمد البدوي، أو الدسوقي، أو زينب، أو أمثال هؤلاء المعبودين من دون الله، وينادونهم من قريب وبعيد، وينذرون لهم النذور، ويقربون لهم القرابين، ويتضرعون إليهم، ويدعونهم رغبا ورهبا، منيبين إليهم، مخلصين لهم الدين، معتقدين أنهم أسرع إجابة لهم وفرجا من الله تعالى، وقلّ من يستغيث منهم بالله في تلك الحال، فشركهم دائم في الرخاء والشدة؛ وهو في الشدة أعظم، وهذا بخلاف ما كان عليه المشركون الأولون فإنهم يشركون في حال الرخاء، فإذا وقعوا في الشدائد دعوا ربهم منيبين إليه، مخلصين له الدين، قال الله تعالى مخبرا عنهم: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٥]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ