للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خشية الإطالة لذكرت جملة من كلامه، وبينت فساده وتناقضه، ومخالفته لما أخبر الله تعالى في آيات كثيرة من كتابه، ولما أخبر به رسول الله في الأحاديث الثابتة عنه، ولما كان عليه أهل السنة والجماعة من الإيمان بالقضاء والقدر، وأن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكتب جميع ما قدره وقضاه في اللوح المحفوظ عنده، فلا يزاد أحد على وقته المقدر له ولا ينقص عنه، ولا يتقدم شيء على وقته المقدر له ولا يتأخر عنه، والعباد مع ذلك مأمورون بالسعي والاكتساب، والأخذ بالأسباب المأمور بها في تحصل ما ينفعهم ودفع ما يضرهم، مع التوكل على الله تعالى، والتسليم لقضائه وقدره، فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، لا راد لما قضى، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج: ٧٠]، وقال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَاسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ﴾ الآية [الحديد: ٢٢ - ٢٣]، وقال تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ١٢]، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا.

والأخذ بالأسباب منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحب، ومنه ما هو مباح، ومع هذا فالاعتماد على الأسباب والثقة بها كما يدعو إليه صاحب