للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المائدة: ٢]، فهم يؤمّون بيته يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا، لا يرغبون إلى غيره، ولا يرجون سواه، ولا يخافون إلا إياه، وقد زين الشيطان لكثير من الناس سوء عملهم، واستزلهم عن إخلاص الدين لربهم إلى أنواع من الشرك، فيقصدون بالسفر والزيارة رضا غير الله والرغبة إلى غيره، ويشدون الرحال إما إلى قبر نبي أو صاحب أو صالح، أو مَن يظنون أنه نبي أو صاحب أو صالح، داعين له راغبين إليه، ومنهم من يظن أن المقصود من الحج هو هذا، فلا يستشعر إلا قصد المخلوق المقبور، ومنهم من يرى أن ذلك أنفع له من حج البيت، ومن شيوخهم من يقصد حج البيت فإذا وصل إلى المدينة رجع مكتفيا بزيارة القبر وظن أن هذا أبلغ، ومن جُهَّالهم من يتوهم أن زيارة القبور واجبة، وأكثرهم يسأل الميت المقبور كما يسأل الحي الذي لا يموت، فيقول: يا سيدي فلان، اغفر لي وارحمني وتُب عليّ، أو يقول: اقضي عني الدين، وانصرني على فلان، وأنا في حسبك وجوارك، وقد ينذرون أولادهم للمقبور، ويسيبون له السوائب من البقر والغنم وغيرها كما كان المشركون يسيبون السوائب لطواغيتهم، قال تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾ [المائدة: ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الأنعام: ١٣٦].

ومِن السَدَنَة مَن يُضلِّل الجهال فيقول: أنا أذكر حاجتك لصاحب