للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

الصنف الثاني من أدعياء الإسلام أهل التعطيل؛ الذين يعبدون العدم، وهم الجهمية ومن شابههم ونحا نحوهم، وهم أتباع فرعون؛ ولهذا كان غلاتهم من الاتحادية ينافحون عنه ويفضلونه على موسى، وبعضهم يصرح أنهم من أتباعه؛ كما جاء في حكاية ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن بعض شيوخهم، قال في كتابه "الحجج النقلية والعقلية": هؤلاء الملاحدة يعظمون فرعون وأمثاله، ويدَّعون أنهم خير من موسى وأمثاله، حتى إنه حدثني بهاء الدين عبد السيد الذي كان قاضي اليهود وأسلم وحسن إسلامه Object، وكان قد اجتمع بالشيرازي -أحد شيوخ هؤلاء- ودعاه إلى هذا القول وزينه له، فحدثني بذلك، فبينت له ضلال هؤلاء وكفرهم، وأن قولهم من جنس قول فرعون، فقال لي: إنه لما دعاه حسن الشيرازي إلى هذا القول قال له: قولكم هذا يشبه قول فرعون! فقال: نعم، ونحن على قول فرعون -وكان عبد السيد إذ ذاك لم يسلم بعد- فقال: أنا لا أدع موسى وأذهب إلى فرعون، قال له: ولم؟ قال: لأن موسى أغرق فرعون … فانقطع، فاحتج عليه بالنصر القدري الذي نصر الله به موسى، لا بكونه كان رسولا صادقا، قلت لعبد السيد: وأقر لك أنه على قول فرعون؟ قال: نعم، قلت: فمع إقرار الخصم لا يحتاج إلى بينة، أنا كنت أريد أن أُبيِّن لك أن قولهم هو قول فرعون، فإذا كان قد أقر بهذا فقد حصل المقصود. انتهى.