فيصيبها ما أصابه، وقد أبطله الإسلام؛ لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى، فأعلمهم النبي ﷺ أنه ليس الأمر كذلك، وإنما الله هو الذي يمرض وينزل الداء، ولهذا قال في بعض الأحاديث:«فمن أعدى البعير الأول؟!».
أي: من أين صار فيه الجرب؟! انتهى.
وقد قرر هذا المعنى كثير من الأئمة؛ منهم الخطابي، والبيهقي، وابن الصلاح، والمنذري، والنووي، وابن القيم، وابن مفلح، وابن رجب، وغيرهم من المحققين.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: اختلفوا في معنى قوله «لا عدوى» وأظهر ما قيل في ذلك: إنه نفيٌ لما كان يعتقده أهل الجاهلية، من أن هذه الأمراض تعدي بطبعها من غير اعتقاد تقدير الله لذلك، ويدل على هذا قوله:«فمن أعدى الأول؟!» يشير إلى أن الأول إنما جرب بقضاء الله وقدره، فكذلك الثاني وما بعده.
فأما نهيه ﷺ عن إيراد الممرض على المصح، وأمره بالفرار من المجذوم، ونهيه عن الدخول إلى موضع الطاعون؛ فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى وجعلها أسبابًا للهلاك أو الأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب البلاء إذا كان في عافية منها، فكما أنه يُؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء، أو في النار، أو يدخل تحت الهدم ونحوه، مما جرت العادة بأنه يهلك أو يؤذي، فكذلك اجتناب مقاربة المريض؛ كالمجذوم، أو القدوم على بلد الطاعون، فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله