ومن أسوأ الأفعال وكبائر الإثم التخلف عن الجمعة والجماعة من غير عذر، وقد فشا هذا المنكر الذميم في زماننا وظهر، وكثر في القراء والمنتسبين إلى العلم من معلمين ومتعلمين، فضلاً عن الجهال والغوغاء ونحوهم من العوام والسوقة.
وهذا مصداق ما تقدم ذكره في حديث معاذ بن جبل، وحديث أنس، وحديث حذيفة ﵃:«أنه يكون في آخر الزمان قراء فسقة»، ولهذا كثير منهم يعكفون على الراديو لاستماع ما يذاع فيه من الهذيانات وأنواع المجنون والمحرمات، ويؤْثِرون الحضور عنده على حضور الصلوات في الجماعات، وربما أخَّر أحدهم الصلاة عن وقتها إيثارًا للعكوف على الراديو أو على الجرائد والمجلات وما شابهها من الكتب العصرية التي قل خيرها وكثر شرها وعظم ضررها على الدين، وربما ترك أحدهم الصلاة بالكلية، وبعضهم إذا نُهي عن تخلفه عن الصلاة في جماعة غضب من ذلك واشمأز واستكبر عن قبول النصيحة، وأخذ يعذر نفسه بما ليس بعذر، ويجادل من نهاه عن المنكر ويقع في عرضه بالسب والتنقص وأنواع الأذى، فيجمع بين أنواع كبائر الإثم، وقد وقع هذا كثيرًا من الذين مَثَلهم ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾؛ وما ذاك إلا لاستهانتهم بالصلاة، وقلة رغبتهم في الباقيات الصالحات، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.