للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاصدها إلى نيل الأرباح، فيقول أحدهم: ألتمس بركة الشيخ وكرامته فأنزل بهذا البلد، وبعد ذلك حصلت لنا من الشيخ كرامة أو ما قبلنا أو شبه ذلك.

وحيث إن جماهير من العامة لا يحصون في أقاليم واسعة وأقطار متباعدة ونواحي متباينة- لما كانوا قد نشأوا لا يعرفون إلا ما وجدوا عليه مَن قبلهم من الآباء والشيوخ من هذه العقائد الوثنية والمفاسد، فتجدهم إذا شكى أحدهم على الآخر نازلة نزلت فلعله لا يخطر له في بال إلا: هل قد ذهبت إلى الولي؟ وقد يضرب له الأمثال بأن فلانا كان من أمره كذا، وفلانا كان من أمره كذا، حتى أنسوا بهذا الباب أكثر مما يصفه الواصف، حتى أنَّا شاهدنا ما لا يحصى قدره الآن إذا سقطت دابة أحدهم أو عثر هو، أو بغتته حادثة من هذا القبيل نادى ببديهة الحس: يا هادياه، يا ابن علوان، يا جيلاني.

ومن عجيب ما أتته العامة من طرائف هذا الباب وغرائبه الفاحشة ما شاهدناه بالمعاينة مكتوبا على راية مشهد من المشاهد: هذه راية البحر التيار فلان بن فلان، به أستغيث وأستجير، وبه أعوذ من النار.

ومن ذلك أن حيا من أهل البوادي إذا أرسلوا أنعامهم للمرعى قالوا: في حفظك يا فلان؛ يعنون ساكن مشهدهم، وأنهم إذا أرادوا السفر إلى جهة استأذنوه، والعمل في الجواب على سادن المشهد، حتى إنه اشتد المرض برجل من العامة فشد رحاله إلى قبر الولي يستجير به، أو عنده من الموت، فهلك هنالك، ومنهم من يخاطب الولي بزعمه فيقول: يا خالق الولد الذي تخلقه مطهور، ومنهم أقوام يخاطبون المقبور من مسافة أربعة