للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نساء دوس حول ذي الخلصة، وكانت صنما تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة».

وهذا الحديث الصحيح من معجزات النبوة؛ لكونه أخبر عما سيقع بعده من الافتتان بذي الخلصة وعبادتها من دون الله، فوقع الأمر طبق ما أخبر به صلوات الله وسلامه عليه، فكانت دوس ومن حولها من القبائل ينتابونها ويفعلون عندها وبها نظير ما كان يفعل عندها وبها في الجاهلية، حتى مَنَّ الله تعالى على آخر هذه الأمة بظهور شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ودعوته إلى التوحيد، وتحديد وتجديد ما اندرس من معالم الدين، وسعيه في محو الشرك ووسائله، وما يدعو إليه ويُرغِّب فيه، فبعث إمام الموحدين في ذلك الزمان عبد العزيز بن محمد بن سعود -رحمة الله عليه وعلى من كان السبب في إمامته- جماعة من الموحدين إلى ذي الخلصة، فهدموا بعض بنائها، وبقي بعضه قائما إلى أن ولي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود على الحجاز وما حولها، فبعث عامله على تلك النواحي سرية في سنة ألف وثلاثمائة وأربع وأربعين أو خمس وأربعين، فهدمت ما بقي من بناء ذي الخلصة، ورمت بأنقاضها في الوادي، فعفا بعد ذلك رسمها وانقطع أثرها، ولله الحمد والمنة.

وقد ذكر بعض الإخباريين عن بعض الذين شاهدوا هدمها أن بناءها كان قويا محكما، وأحجاره كانت ضخمة جدا، بحيث لا يقوى على زحزحة الحجر الواحد أقل من أربعين رجلا، فالحمد لله الذي يسَّر هدمها ومحو أثرها، وأثر غيرها من الأوثان والأشجار والأحجار التي قد اتخذت آلهة