فأجاد وأفاد، إلا أنه مال إلى رأي الجهمية والمعتزلة في دعواهم أن القرآن مخلوق، واغتر بما احتجوا به لباطلهم من متشابه القرآن، وأضاف على ذلك عقله الفاسد وبداهته المنحرفة، ولم يكفه ذلك، بل تجاوزه إلى مدح هذا الرأي الفاسد والنظر الشيطاني، فقال فيه: إنه نظر عميق سليم، يحتاط للوحدانية، ويحتاط للإسلام، فهو موقف لا يخلو من النبل، وهو إيمان سليم … إلى آخر كلامه الفاسد، ودسيسته السُمية، ثم أيّد ذلك في موضع آخر بكلام فاسد لبعض من مضى قريبا من المتحذلقين المتمسكين بأذيال المتكلمين من المعتزلة والمتفلسفة؛ ظلمات بعضها فوق بعض، نعوذ بالله من عمى القلوب وانتكاسها، قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: ٤٠]، ولولا خشية الإطالة لذكرت كلام أئمة السلف في رد الشبهات التي اغتر بها الجهمي وأمثاله، وقد ذكرها الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رده على الزنادقة والجهمية، وذكرها غيره ممن صنف في هذا الشأن، فمن وقف على دسيسة هذا الكتاب الذي أشرنا إليه، وما اغتر به من شبهات أهل الزيغ والضلال، ولم يعرف وجه بطلانها، فليراجع كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى في رده عليهم، يجد الحق واضحا بالأدلة والبراهين، ويرى حجج الجهمية والزنادقة داحضة متهافتة، والمقصود ههنا التنبيه على دسيسة هذا الكاتب لئلا يغتر بها أحد، والله المستعان.