للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: «يجمع الله الناس يوم القيامة …» فذكر الحديث وفيه: «حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممن أراد الله أن يرحمه ممن يشهد أن لا إله إلا الله، فيعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود؛ حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون تحته كما تنبت الحبة في حميل السيل» الحديث.

وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي سعيد عن النبي نحوه، وفيه: «فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم مَنِ المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار» الحديث.

ففي هذين الحديثين دليل على أن الشافعين إنما يشفعون لعصاة المسلمين الذين كانوا يصلون ويصومون ويحجون ويعملون مع المسلمين، ولكن كانت لهم ذنوب حُبسوا بسببها في الطبقة العليا من طبقات النار؛ لتُمحِّصهم النار وتطهرهم من ذنوبهم، وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود منهم، وبهذا الأثر يعرفهم الشافعون فيخرجونهم من النار، وليس لمن ترك