للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: ما تقع به الإبانة عن المراد بأي وجه كان.

والآخر: ما دخلته الصنعة بحيث يروق للسامعين ويستميل قلوبهم، وهو الذي يشبه بالسحر إذا خلب القلب وغلب على النفس، حتى يحول الشيء عن حقيقته ويصرفه عن جهته، فيلوح للناظر في معرض غيره، وهذا إذا صرف إلى الحق يمدح، وإذا صرف إلى الباطل يذم.

قال: فعلى هذا فالذي يشبه بالسحر منه هو المذموم.

وقال أيضًا: اختلف الناس في هذا وفي تأويله.

فقال بعضهم: وجهه أنه ذم التصنع في الكلام، والتكلف لتحسينه وتزويقه ليروق السامعين قوله ويستميل به قلوبهم، فيحيل الشيء عن ظاهره، ويزيله عن موضوعه إرادة التلبيس عليهم، فيصير ذلك بمنزلة السحر الذي هو -أو نوع منه- تخييل لما لا حقيقة له، وتوهيم لما ليس له محصول، والسحر منه مذموم، وكذلك المشبه به.

وقال آخرون: بل القصد به مدح البيان، والحث على تخير الألفاظ والتأنق في الكلام.

وروي عن عمر بن عبد العزيز أن رجلا طلب إليه حاجة -كان يتعذر عليه إسعافه بها- فرقق له الكلام فيها حتى استمال به قلبه، فأنجزها له ثم قال: هذا هو السحر الحلال. انتهى.

والقول الأول أولى؛ لأن السحر مذموم، فكذلك ما شابهه من البيان المزوق.