للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو معلوم من الأحاديث التي تقدمت في أول الفصل، والله أعلم.

ومن ذلك أن الكلاب كانت تبول وتقبل وتدبر في المسجد النبوي في زمان رسول الله ، ولم يكن النبي وأصحابه -رضوان الله عليهم أجمعين- يعبأون بذلك، وهذا أعظم مما ينكره الجهال من المشي في المساجد بالنعال والخفاف.

ومن ذلك أنه أدخل بعيره في المسجد الحرام الذي هو أشرف المساجد وأفضلها على الإطلاق، وأعظمها حرمة عند الله تعالى، وأولاها بالتطهير والتنزيه من جميع الأقذار، وطاف راكبًا عليه، وأناخه في المسجد بفناء الكعبة، وأمر أم سلمة أن تطوف على بعيرها، وأقرَّ الأعرابي على إدخاله بعيره في المسجد النبوي وعقله إياه فيه، وهذا أعظم مما ينكره الجهال من المشي بالنعال والخفاف في المسجدين الشريفين وغيرهما من المساجد؛ لأن ما يخشى من تلويث المسجد بما يعلق بالنعال والخفاف من الأذى والقذر يخشى أكثر منه في أخفاف البعير؛ فإن الإنسان يحترز غالبًا من وطء الأقذار بخلاف البعير، وأيضًا فإن الإنسان مأمور إذا أتى المسجد أن ينظر في نعليه ويمسح ما يراه فيهما من الأذى والقذر، وبذلك يطهران ويزول عنهما ما يخشى من تلويث المسجد، وأيضا فإن البعير لا يؤمن أن يلوث المسجد برجيعه وبوله، وهما وإن كانا طاهرين فتنزيه المسجد منهما أولى، ولما كان الشارع المبعوث بالتيسير والحنيفية السمحة لم يعبأ بشيء مما يحتمل وقوعه من البعير، ولم يُنقل عنه أنه نظر في أخفاف بعيره لما أراد أن يدخله المسجد الحرام، ولا أمر أم سلمة