للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصراني أو غيرهما؛ فإذا قال له عدو الله: إن الصيام يؤدي إلى نقص صحتك، فلا تصم عشرة أعوام أو أقل أو أكثر، بادر إلى قبول قوله، وقابل أمره بالتسليم والتقديم على أمر الله تعالى وأمر رسوله ، ولم يعلم المسكين أن عدو الله لا يألوه خبالاً وإركاسًا في الفتن، وإفسادًا لدينه مهما أمكنه، ولو طمع عدو الله أن المسكين يجيبه إلى الكفر بالله تعالى ورسوله لأمره بذلك، قال الله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ [النساء: ٨٩].

فاحذروا أيها المسلمون غوائل أعداء الله ومكائدهم، واجتنبوا حبائلهم ومصائدهم، ولا يغرنكم منهم الابتسام ولين الكلام وإظهار الشفقة والنصيحة، فإن ذلك منهم في الغالب مكر وخديعة، واعتبروا بما فعله شيخهم ومقدمهم إبليس لعنه الله من المكر والخديعة لأبوي البشر آدم وزوجه، فإن في ذلك أعظم عبرة وعظة، والسعيد من وعظ بغيره، قال الله تعالى: ﴿وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: ١٩ - ٢٢]، ثم حذر بني آدم من فتنة الشيطان وقبيله، وذكَّرهم بصنيع الخبيث مع أبويهم؛ ليعتبروا بذلك، ويأخذوا حذرهم من عدو الله وذريته وأوليائه من الكفار والمنافقين، فقال تعالى: ﴿يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ